تفويض الإمام ابن قدامة .. بين المؤيدين والمعارضين
الكاتب : علاء حسن إسماعيل

كثُر الكلام حول الإمام ابن قدامة، واختلف الناس حول اعتباره مفوِّضًا أو مثبتًا، واحتلّت هذه المسألة مساحة كبيرة من السجال في الأروقة العلمية، وسبب العناية بهذا الأمر أن متن (لمعة الاعتقاد) لابن قدامة اشتهر في زماننا تدريسه للمبتدئين، فيفتح الطلاب أعينهم على هذا النزاع العالي في تحرير ابن قدامة مبكّرًا، لتصبح من جملة القضايا التي تلوكها الألسنة وتخوض فيها الأقلام.

فأصبح الشابّ الذي لم تنبت له لحية ولا يعرف مبطلات الوضوء يتكلَّم في أئمة المسلمين وأولياء هذه الأمة، ويبدأ في تقييمهم وهو مُتكئ على أريكته ليقول: هذا مفوّض، وهذا اعتقاده صحيح، وهذا اعتقاده كذا، وذاك اعتقاده كذا.

وتدريس هذا الخلاف العالي للمبتدئين ليس من الفِقه في شيء؛ وذلك لأن طالبَ العلم في هذه المراحل له مقاصِد أخرى غير هذه، وهو تعليمه مبادئ الإسلام والعقيدة الصحيحة، وغرس آداب طالب العلم ونحو ذلك؛ ولذا تجد الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله لم يتعرض لمسألة تفويض ابن قدامة في شرحه على (اللمعة)، بل وافق على كلامه، وتأولّه بما يتوافق مع الاعتقاد الصحيح، وهذا من فقهه رحمه الله.

وبسبب كثرة الكلام حول ابن قدامة في الأروقة العلمية سوف نطيل الحديث عنه ونُناقش ما ورد عنه من إشكالاتٍ بالتفصيل، ونبدأ بأدلّة من قالوا بتفويضه، ثم نتبعه بأدلة من قالوا بإثباته للصفات إن شاء الله.

كافة الحقوق محفوظة لحوار الثقافات