مقدمة عن الذكاء الاصطناعي

 مقدمة عن الذكاء الاصطناعي

اسماء ابو حديد

 غالبًا ما يتم ُّ تصوير الذكاء الاصطناعي في أفلام الخيال العلميّ على أنّه روبوتات ذات خصائص شبيهة بالإنسان، ولكنّ الذكاء الاصطناعي أوسع من ذلك بكثير، مثل خوارزميات البحث في جوجل، وغيرها من الأمور التّقنيّة. إنّ مفهوم الذكاء الاصطناعي اليوم ضيّق، ولا يشمل التّعريف جميع مجالاته، فعلى سبيل المثال يمكن للذّكاء الاصطناعي التّعرّف على الوجه، أو البحث على الإنترنت، أو قيادة السّيارة، أو حلّ المعادلات، أو لعب الشّطرنج، ولكنّ الهدف طويل الأجل للعديد من الباحثين هو إنشاء الذكاء الاصطناعي العام القوي، مع أنّ الذكاء الاصطناعيّ اليوم قد يتفوّق على البشر في كثير من الأمور المحدّدة.

لما الخوف من الذكاء الاصطناعي؟

على المدى القريب، فإنّ الهدف من الحفاظ على تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمع مفيد؛ لأنّه يحفز على البحث في العديد من المجالات، من الاقتصاد والقانون إلى المجالات التّقنيّة والأمن، وثمّة تحدٍّ قصير الأجل، يتمثّل في منع حدوث سباق تسلّح مدمّر في الأسلحة الفتّاكة التي تتميّز بتحكّم ذاتيّ. على المدى الطّويل، فإنّ الخوف من الذكاء الاصطناعي يكمن في أنّه قد يحلُّ محلَّ البشر في جميع المهامِّ الإدراكيّة، ويصبح أفضل منهم فيها، وكما قال عالم الرّياضيّات آي.جي. جوود، في عام 1965: إنّ تصميم أنظمة ذكاء أكثر ذكاءً هو بحدّ ذاته مهمّة معرفيّة، ويمكن لمثل هذا النّظام أن يخضع لعمليّة تحسين ذاتيّة متكرّرة، ممّا يؤدّي إلى انفجار ذكائيّ تاركًا وراءه العقل البشريّ. من ناحية أخرى يمكن من خلال ابتكار تقنيّات جديدة، أن يُساعد الذّكاء الفائق في التخلص من الحروب والأمراض المتفشية وظاهرة الفقر، وفي نهاية المطاف فإنّ بناء الذكاء الاصطناعي الخارق قد يكون الحدث التاريخي الأكثر لدى البشريّة، ومع ذلك فإنّ بعض الخبراء صرّحوا عن قلقهم من أنّ هذا قد يكون مدمّرًا أيضًا، إلّا إذا تعلّم الإنسان أن يربط أهداف الذكاء الاصطناعي القويّ بأهداف إنسانيّة.

 

كيف يُمكن للذّكاء الاصطناعي أن يكون خطرًا؟

تجتمع أراء غالبية الباحثين على أنّ الذكاء الاصطناعي الخارق لا يُعتقد بأن يكون قادرًا على إظهارِ العواطف الإنسانيّة المختلفةمثل المحبة، الكره، إذ لا يتوفر سبب واضح لاعتقاد أن يصبح الذكاء الاصطناعي خبيثًا، لذلك عند التّفكير في كيف يمكن أن تصبح الذكاء الاصطناعي خطرًا، يعتقد الخبراء أنّ ما يحدث على الأرجح هو التّالي:

 

الذكاء الاصطناعي مبرمجٌ للتّنفيذ الحرفيّ

عادة ما يبرمج الذكاء الاصطناعي لتنفيذ ممارساتٍ تعود بالنفع والفائدة، إلا أن الدمار يكمن في طريقة تطويره لتحقيق الأهداف المرجوة، ومن الممكن حدوث ذلك عند فشل المُبرمج في خلقِ التوافقية التّامة بين الأهداف الإنسانية والمرجوة من الذكاء الاصطناعي، وهو أمر صعب للغاية، على سبيل المثال: إذا طُلِبَ من سيارة ذكيّة مطيعة أن توصل شخصًا إلى المطار بأسرع وقت ممكن، فقد تصل به إلى هناك وهو يتقيّء من شدّة سرعتها؛ لأنّها لا تفعل ما يُريده الشّخص، بل تنفّذ الأمر حرفيًّا، مثال آخر على خطورة الذكاء الاصطناعيّ القويّ: في حال التكليف ببناءِ نظام خارق الذّكاء بأحد المشاريع الهندسيّة لخدمة الهندسة الجيولوجيّة، فقد يعيث فسادًا في النّظام البيئيّ كأثر جانبيّ للمهمّة، وقد ينظُر إلى المحاولات البشريّة لإيقافه كتهديد يجب مواجهته.

 

الذكاء الاصطناعي مبرمج لفعل شيء مدمّر

الأسلحة المستقلّة هي أنظمة ذكاء اصطناعيّة مبرمجة للقتل، وعندما تكون في يد شخص غير متمرّس، من الممكن أن تفضي عن هذه الأسلحة خسائر جسيمة، إضافة إلى ذلك، من الممكن أن يفضي سباق التّسلح من أسلحة الذكاء الاصطناعيّ القويّ دون تخطيطٍ مسبق إلى حربٍ تترتب عليها خسائر بشريّة شديدة البأس، ولتفادي إحباط العدوِّ من قِبل العدوِّ، سيتمّ تصميم هذه الأسلحة بحيث يكون من الصّعب للغاية إيقافها، بحيث يمكن للبشر أن يفقدوا السّيطرة على مثل هذا الموقف، وهذا الخطر موجود حتّى مع الذكاء الاصطناعي الضّيّق، لكنّه ينمو مع زيادة مستويات الذّكاء الذّاتيّ والتّشغيل الذّاتيّ، كما توضّح هذه الأمثلة، فإنّ القلق بشأن الذكاء الاصطناعي القويّ ليس حقدًا بل بسبب تطوّر كفاءتها، وسيكون الذكاء الاصطناعي الفائق الذّكاء جيّدًا للغاية في تحقيق أهدافه، وإذا لم تتوافق هذه الأهداف مع أهداف الإنسان هنا ستحدث المشكلة.

 

متى سيُسيطر الذكاء الاصطناعي القويّ على كلِّ التّكنولوجيا؟

 

عبّر الفيزيائيّ ستيفن هوكينج، ورجل الأعمال والفيزيائيّ إيلون موسك، والمخترع ستيف وزنياك، ورجل الأعمال بيل جيتس، والعديد من الأسماء الكبيرة الأخرى في مجال العلوم والتّكنولوجيا عن قلقهم في وسائل الإعلام، وعبر مقاطع فيديو حول المخاطر التي يُشكّلها الذكاء الاصطناعي. إنّ فكرة السّعي وراء الذكاء الاصطناعي القويّ الذي سيكون ناجحًا في النّهاية، هي في الأصل فكرة خيال علميّ، انتشرت على مدى القرون الماضية، ومع ذلك بفضل الاختراعات الأخيرة، تمّ الآن الوصول إلى العديد من المعالم البارزة في الذكاء الاصطناعي القويّ، والتي اعتبرَ الخبراء بدايتها قبل خمس سنوات فقط، ممّا يجعل العديد من الخبراء يأخذون على محمل الجدِّ إمكانيّة استخدام الذكاء الاصطناعي الفائق في الحياة اليوميّة قريبًا، في حين لا يزال بعض الخبراء يعتقدون أنّ الذكاء الاصطناعي القويّ يَبعُدُ قرونًا، ومعظم أبحاث الذكاء الاصطناعي في مؤتمر بورتو ريكو لعام 2015 خمّنوا أنّ الذكاء الاصطناعي القويّ سيحدث قبل عام 2060، لأنّ الأمر قد يستغرق عقودًا لاستكمال أبحاث السّلامة المطلوبة.

خلاصة

نظرًا لأنّ الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على أن يصبح أكثر ذكاءً من أيّ إنسان، فليس لدى الإنسان طريقة مؤكّدة للتّنبؤ بكيفيّة تصرفه، ولا يمكن استخدام التّطوّرات التّكنولوجيّة السّابقة باعتبارها أساسًا للذّكاء الاصطناعي القويّ لأنّها لا تملك أبدًا قدرة ذاتيّة للتّحكّم بنفسها، عن قصد أو غير قصد، ولن تستطيع التّغلّب على ذكاء الإنسان، لذلك ما زال الإنسان هو المسيطر على الآلات، ولكن ماذا سيحدث إذا حصل العكس، وأصبح الإنسان غير فائق الذّكاء؟ ولكن بما أنّ الذّكاء البشريّ تُديره الحكمة، فلن يقدر الذكاء الاصطناعيّ على إعاقة التّطوّر المستمرّ، بل سيُساعد في تسريعه. 

كافة الحقوق محفوظة لحوار الثقافات